يومه وقد لا يجد في بعض الاحيان مايكفيه..
جمع النبي المقداد ومن معه وقال لهم احتلبوا هذا اللبن بيننا بمعنى اقسموا لبن الأعنز بيننا واتفق معهم على أن يتقسموا اللبن بينهم إلا أن يشاء الله يقول المقداد كنا نحتلب فيشرب كل منا نصيبه ونرفع للنبي نصيبه وكان يأتي النبي في الليل بكل هدوء حتى لايوقظهم ويشرب نصيبه ثم ينصرف استمر الحال على هذا الوضع اياما طويلة يرفع المقداد ومن معه نصيب نبينا ﷺ ويشربون هم نصيبهم وكان يتقوى المقداد بهذا اللبن فهو يشرب من لبن رسول الله الذي بارك الله فيه وأنعم عليه وكان الوضع كما اتفقوا ونبينا لايشرب نصيبه إلا في الليل بعد أن ينتهي من قيام الليل..
حتى جاء ذلك اليوم المرهق على المقداد وغلبته نفسه فكان المقداد يعمل ويكدح طيلة النهار فتستنزف طاقته بالكامل في العمل ونصيبه من اللبن قد لايكفيه هذه المرة خاصة أن التعب والارهاق وصل ذروته وأتاه الشيطان وحفزه على امر شعر بعده بأشد الندم..شرب المقداد نصيبه وشعر أنه مازال بحاجة للمزيد فقال في نفسه رسول الله يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم بمعنى يكرمونه ويطعمونه وقال المقداد في نفسه النبي مابه حاجة الى هذه الجرعة ولن تضره اذا شربتها وزينها الشيطان في عينيه اكثر فلم يقاوم وأتاها وشربها ونقض اتفاقه مع النبيﷺ..
وما أن شربها المقداد حتى شعر أن ڼارا تشتغل في معدته يقول المقداد فعلمت أنه ليس إليها سبيل فهي ليست له وابتلع ماليس له ولا يحق له واخذ الندم يعصف قلبه حتى تمنى أن الارض تبتلعه واخذ التفكير يحيط به ويقول لنفسه ويحك ما صنعت أشربت شراب محمد فيجيء فلا يجده فيدعو عليك
يقول المقداد لنفسه إن يدعوا عليك محمد فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك وتعيش في هم وكدر
وكان لدى المقداد شملة بمعنى غطاء يحميه من البرد يقول المقداد إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي وجعل لا يجيئني النوم وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت..فانتهى النبي ﷺ من قيام الله
وجاء ليشرب نصيبه فسلم بصوت منخفض حتى لايوقظهم واتجه ناحية لبنه فكشف الغطاء فلم يجد اللبن والمقداد يراقبه بصمت وخوف شديد فوضع نبينا الوعاء ورفع يديه للسماء وهنا كاد قلب المقداد أن يتوقف نبينا يرفع يديه للسماء سيدعوا علي وسأهلك بالتأكيد..
اراد المقداد النهوض والتوجه للنبي لعله يثنيه عن الدعاء فوجده يدعي ويقول اللهم اطعم من أطعمني واسق من أسقاني وكأنما سكب على المقداد ماء بارد فرجع مرة اخرى للشملة وغطى نفسه وما أن ذهب النبي حتى توجه للاعنز فوجدهن حفل بمعنى ممتلئين باللبن فأخذ وعاء كبير واخذ يحلب في الأعنز..حتى امتلأ الوعاء واصبح يعلوه رغوة وذهب به للنبيﷺ وقال له يارسول الله اشرب فشرب ثم ناوله فشرب المقداد فقال يارسول الله اشرب فشرب ثم ناوله للمقداد فلما عرف أن النبي قد روي وأصيبت دعوته ضحك المقداد حتى ألقي على الأرض وشعر بأن هما عظيما ازيح عن قلبه..
فقال المقداد للنبي يارسول الله كان من أمري كذا وكذا وفعلت كذا فقال النبي ما هذه إلا رحمة من الله أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها بمعنى كان أذنتني ويشرب منها صاحبيك معك وهذا الرد من النبيﷺ يوضح لك مدى عظمة اخلاقه ورحمته ولينه مع اصحابه..فلم يكترث اذا لم يشرب الأهم أن يشربون كلهم سويا..
ومن مثلهﷺ أرحم الخلائق وأحن الناس وأطيب البشر وعظيم الخلق اسأل الله أن يحشرنا معه في جنات النعيم
المصادر
صحيح مسلم
صحيح الترمذي
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد